دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى ضرورة وقف نزيف الدم الفلسطيني ومحاسبة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمه وانتهاكاته اليومية وجرائمه المستمرة ضد الفلسطينيين.
جاء ذلك في كلمة “أبو الغيط” التي وجهها اليوم الخميس، أمام الاجتماع الطارئ لاتحاد المحامين العرب من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني، وألقاها نيابة عنه الوزير مفوض حيدر الجبوري مدير إدارة فلسطين بجامعة الدول العربية .
وقال “أبو الغيط”: “لقد آن الأوان لوضع الاحتلال في موضع المحاسبة، ووقف نزيف الدم الفلسطيني”، مؤكدا أن جرائم الاحتلال ضد الإنسانية ثابتة واضحة وأن الاحتلال ذاته أكبر هذه الجرائم، والاستيطان هو أيضًا جريمة حرب، فضلا عن الانتهاكات اليومية والجرائم المستمرة بحق أهلنا في فلسطين”.
وشدد على أن هناك ضرورة ملحة لردع هذا الاحتلال وتحرك المجتمع الدولي للانتقال من مرحلة إدارة النزاع إلى حله استنادًا إلى مبادئ القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية بما يفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.
وطالب “أبو الغيط” المحكمة الجنائية الدولية بالإسراع في تحقيقاتها وإضافة هذه الجرائم المرتكبة في القدس وغزة إلى ملف التحقيق لمحاكمة ومعاقبة المسئولين الإسرائيليين عنها.
وتابع “أبو الغيط”: “نحن نثق أن العدالة الدولية وإن تأخر تحقيقها فستبقى هي الضمان لتحقيق السلام والاستقرار، وهي الغاية التي يتطلع لها الشعب الفلسطيني وكافة المناصرين لحقوقه المشروعة وكل المؤمنين بقيم الحرية والعدالة”.
وقال “أبو الغيط”:” إننا نجتمع اليوم بعد أيام من الذكرى الـ73 على النكبة، من أجل التضامن مع شعب يتعرض لأكثر من سبعة عقود من الزمن لشتى صنوف العذابات والمعاناة جراء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم الذي راهن لعشرات السنوات على كسر إرادة الشعب الفلسطيني، إلا أنه على الدوام أثبت أنه رهان خاسر، بشموخه وكبريائه، وتضحياته ونضاله، وكفاحه من أجل استعادة حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير بتجسيد دولته على أرض ترابه الوطني وعاصمته القدس الشريف، تلك الحقوق التي كفلتها له حقائق التاريخ وكافة الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية”.
وأضاف: “نجتمع اليوم في ظل حرب عدوانية شاملة على الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس الشريف والضفة الغربية المحتلة وضد فلسطينيي الداخل”مشيرا إلى أن الحرب تشتد في شراستها وعدوانيتها وإجرامها على قطاع غزة المنكوب والمحاصر لأكثر من 14 عامًا، فيستهدف الإنسان والمباني والبنى التحتية وكافة أوجه الحياة (المعطلة أصلًا) ليرتقي جراءه أكثر من 200 شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال وأكثر من 1500جريح”.
وأشار إلى أن هذا العدوان الغاشم، يستكمل به الاحتلال سلسلة جرائمه ومخططاته كالاستيطان والتطهير العرقي، خاصة بحق أهالي حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، تلك المخططات التي تستهدف تهجير نحو 28 عائلة فلسطينية تشمل 500 نسمة، بالإضافة إلى منع المصلين من حرية العبادة عبر اعتداءات واقتحامات المستوطنين المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك، فستستمر آلة الحرب العدوانية في ارتكاب تلك الجرائم التي ترقى إلى جرائم الحرب وفقًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ولا يردع الاحتلال بيانات التنديد المتوالية من دول العالم.
وقال أبو الغيط: “إن إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) تقف محتمية بموقف الولايات المتحدة الأمريكية التي تقف حجرة عثرة أمام مجلس الأمن عبر إفشال إصدار بيان تنديد من المجلس بعد 4 اجتماعات في غضون أقل من أسبوع، فتشارك الولايات المتحدة الاحتلال الإسرائيلي وتشجعه على الاستمرار في جرائمه بالموافقة على صفقة أسلحة شديدة الدقة لجيش الاحتلال بمبلغ 735 مليون دولار، وكأن آلتها الحربية العدوانية الحالية ليست كافية”.
وأشار إلى أن جامعة الدول العربية سارعت منذ بداية العدوان بالتحرك العاجل والسريع ومباشرة الاتصالات والمشاورات مع كافة الدول المعنية والفاعلة لوقف هذا العدوان، وقد اجتمع مجلس الجامعة في دورة غير عادية على المستوى الوزاري بتاريخ 11 مايو الجاري للتشاور في كيفية التصدي لهذا العدوان والعمل على توفير الحماية للشعب الفلسطيني، ومطالبة المجتمع الدولي للتحرك العاجل والسريع من أجل ردع آلة العدوان الإسرائيلية.
ولفت إلى أن مجلس الجامعة العربية قرر ضمن جملة أمور أخرى اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة على جميع الأصعدة والمستويات بما في ذلك إطلاق تحرك دبلوماسي مكثف من أجل حماية مدينة القدس والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، ودعم حقوق أهلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وتشكيل لجنة وزارية تضم عددًا من الدول العربية (الأردن والسعودية وفلسطين وقطر ومصر والمغرب ورئاسة القمة والعضو العربي في مجلس الأمن (تونس) والأمين العام للجامعة العربية ، لمتابعة التحرك العربي ضد السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة والتحرك عبر بعثات الجامعة في الخارج والتواصل مع الدول الدائمة العضوية في مجل الأمن وغيرها من الدول المؤثرة لوقف العدوان والسياسات والإجراءات الإسرائيلية، مع إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات المخططات العدوانية الإسرائيلية.
وأوضح “أبو الغيط” أن مجلس الجامعة العربية طلب أيضا من المحكمة الجنائية الدولية المضي قدما بالتحقيق الجنائي في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، بما فيها تهجير الفلسطينيين من بيوتهم في حي الشيخ جراح، وباقي المناطق والأحياء الفلسطينية المحتلة، ودعوة المحكمة إلى توفير كل الإمكانيات المادية والبشرية لهذا التحقيق وإعطائه الأولوية اللازمة، كما رعت الجامعة العربية واستضافت اجتماعًا طارئًا للبرلمان العربي أمس لبحث تداعيات هذا العدوان وسبل التحرك مع البرلمانات الدولية للتصدي له والتصدي لسياسات إسرائيل وإجراءاتها العنصرية.
وأكد “أبو الغيط” أن الشعب الفلسطيني أثبت خلال هذه الجولة من عدوان الاحتلال، كما دائمًا، أنه عصي على الانكسار، وأن تشبثه بأرضه وجذوره وحقوقه المشروعة وانتماءه لعروبته واستناده على أمته وعمقه العربي هو الدافع لتحمل كم الظلم والاضطهاد والعدوان الذي يتعرض له.
واعتبر “أبو الغيط” أن حالة التضامن العربي والدولي مع الشعب الفلسطيني خير دليل على أن القضية الفلسطينية وإن ظن البعض أنها تندثر أو تضيع مع الوقت في غياهب النسيان، إلا أنها تعود لتثبت مرة أخرى أنها البوصلة، وأن الدعم والتضامن العربي لن يتلاشى مهما طال الزمن، “فنرى أعلام دولة فلسطين ترفرف في عواصم العالم الحر في إعلاء صوتها والمطالبة باستعادة الحق المنتهك لعقود”.
وتوجه “أبو الغيط” بالشكر والتقدير إلى كل الأحرار المتضامنين وكافة الدول والهيئات الإغاثية التي سارعت إلى تقديم يد العون إلى الشعب الفلسطيني المكلوم.
ووجه “أبو الغيط”، في ختام كلمته، تحية إعزاز وتقدير وإجلال للشعب الفلسطيني على تضحياته وبطولاته وصموده وشجاعته في مقاومة الاحتلال ومخططاته والتصدي لكافة محاولات اقتلاعه من أرضه ووطنه وتمسكه بعروبته وهويته الوطنية،مؤكدا على دعم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الكامل له في كفاحه ونضاله من أجل استعادة كافة حقوقه المشروعة التي كفلتها له حقائق التاريخ ومبادئ القانون الولي وقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وتجسيد دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.