كلمة الأمين العام خلال احتفالية مرور مائة سنة على تأسيس نقابة محامي طرابلس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السادة الحضور الكرام
إنه لمن دواعي الافتخار والاعتزاز أن يتاح لي شرف المشاركة في الاحتفال بمائوية نقابة محامي طرابلس التي أنشئت سنة 1921 في ظل بزوغ الصحوة العربية ضد الاستعمار والثورة علي تقسيم الوطن العربي فقد جاء ميلاد نقابة المحامين بطرابلس عقب تأسيس نقابة المحامين ببيروت عام ١٩١٩، وميلاد الدولة اللبنانية عام ١٩٢٠، ومن ثم اكتمل بناء الجمهورية اللبنانية.
وبميلاد نقابتي المحامين ببيروت وطرابلس بلبنان تم تشييد قلعة مشتركة من قلاع الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية التي أصبحت بيت المحامين في لبنان ورافدا من روافد بناء لبنان الجديد وفي هذا الصدد لا يفوتني إلا أن استحضر كلمة سيادة نقيب بيروت الاستاذ خلف التي أورد فيها :” أن تتأسس نقابة المحامين في بيروت عام 1919، ، ونقابة المحامين في طرابلس عام 1921 ، وأن يتوسطهما إعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920 ، فهذا لم يكن بالتأكيد صدفةً إنما موعداً مع صناعة التاريخ، فنقابتي المحامين في بيروت وطرابلس كانتا الرافد الأول لرجالات الدولة آنذاك، وأول الذين آمنوا بهذه الدولة وساهموا في بناء مداميكها الأولى وما فتؤوا يعلون في البناء على مدار مئة سنة
فلا غرو في ذلك فقد جاء في كلمة سيادة النقيب المراد كذلك :” مائة عامٍ على تأسيس نقابتِنا التي هي توأم لبنان الكبير، وإعلان انتماء طرابلس بمحاكمها ومحاميها وأهلِها إلى دولةٍ نشأت لكي تكون شرفةً للعروبة وموئلاً للحريةِ ورسالةً للعيش المشترك كما قال عنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، في هذه المناسبة، التي تتضمن يوم المحامي بكل معانيها السامية .
وبمناسبة هذه الاحتفالية العظيمة فإن اتحاد المحامين العرب يتقدم لنقابة محامي طرابلس في شخص السيد النقيب محمد المراد وإلى أعضاء مجلسها وللسادة النقباء الأجلاء السابقين ولعموم الزميلات والزملاء المحامين منذ تأسيس النقابة وعلى مدار مائة سنة كل آيات التقدير والافتخار، ويؤكد أن ميلاد نقابة محامي طرابلس وهي من مؤسسي اتحاد المحامين العرب كانت ولا تزال المنارة التي تضيئ على الاتحاد للسير في الطريق الصحيح للحفاظ على ثوابته من مبادئ وأهداف لأداء رسالته القومية العربية والمهنية
لقد حظي المكتب الدائم للاتحاد باستضافته لأربع دورات من نقابة طرابلس فإن دل هذا على شيئ فإنما يدل على مدى اهتمام نقابة طرابلس بالشأن المهني والقومي على المستوى العربي
وأكثر من هذا فلا يفوتني بهذه المناسبة الاشادة بالدور الذي تلعبه نقابة المحامين بطرابلس في دار اتحاد المحامين العرب بحضورها المتميز في مكاتبه ومؤتمراته
هذا وأشير إلى ان اختياري كأمين عام للاتحاد من طرف اعضاء الاتحاد إذا كان قد شرفني فهو في نفس الوقت قد طوقني بجسامة المسؤولية والتي نحن كلنا شركاء فيها لخدمة الاتحادوالدفع به إلى الامام ليتبوأ مكانته اللائقة بين مختلف المؤسسات والهيئات الحقوقية في العالم .
ولقد اعتبرت هذا المنصب منذ انتخابي أمينًا عامًا للاتحاد أنه منصب لجمع الكلمة لإعادة بناء الاتحاد بمبادئه المثالية وبأهدافه الخلاقة والمبدعة التي سطرها لنا وأبدعها أجدادنا المخلصون لعروبتهم من أبناء هذا الوطن من نقباء وأمناء عامين ومساعدين.
فبتضافر الجهود بوضع يد في يد سنحقق آمال الاتحاد بما تحمله أهدافه من مقومات مهنية وقومية وإنسانية
فقد ارتأيت من خلال تحملي لهذه المسؤولية من وجوب ترسيم خطة عمل لا تخلو من احترام أهداف الاتحاد بتفعيلها على أرض الواقع مهنيًا قوميًا وحقوقيًا.
فمن الناحية المهنية
– [ ] إن مهنة المحاماة في الوطن العربي لا تمارس بشكل تواصلي بين المحامين، لذلك فهي بحاجة إلى مد الجسور لتبادل المعلومات بين المحامين في كامل أرجاء الوطن العربي بما ينسجم وأهداف الاتحاد تجسيدًا للرسالة المهنية الملقاة على عاتق الاتحاد والمتمثلة في تطوير ورعاية مهنة المحاماة بما يمكنها من القيام بدورها الأساسي في إرساء قواعد العدالة :
– [ ] ضرورة العمل على تأمين استقلال مهنة المحاماة وتوحيد قوانينها والدفاع عن مبدأ استقلال السلطة القضائية والعمل على تنظيم ورش عمل خاصة لتدريب الشباب وتحفيزهم لإحياء الدراسات القانونية وإرساء المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وتكوينهم بإقامة أنشطة ثقافية متنوعة ومركزة، وذلك بتنظيم ندوات محلية وأيام دراسية وموائد مستديرة ومحاضرات في كل النقابات العربية بغرض ضمان التكوين والتكوين المستمر للمحامي العربي حول مختلف القضايا ذات الطابع المهني القانوني والفقهي.
– [ ] وفي هذا السياق فإنه من الواجب إعطاء المجال الثقافي مكانته وذلك بتنشيط مجلة الحق بإسهامات المحامين فيها بأفكارهم ودراساتهم القانونية على أن توزع هذه المجلة على سائر المحامين بالوطن العربي حتى يتاح لهم من خلالها مواكبة جميع القضايا الراهنة ذات الصلة بالمهنة وبالمكانة العلمية للمحامين في البلدان العربية.
ومن الناحية القومية .. من المعلوم أن اتحاد المحامين العرب هو منظمة عربية دولية غير حكومية من أهدافها القومية الأساسية الكفاح لتحرير الأرض العربية من كل أشكال الاستعمار كان سياسيًا أو اقتصايًا أو إيديولوجيًا.
فمن هذا المنطلق تبقى قضيتنا الأساسية والمركزية في صدارة البرنامج التي ستحظى بالأولوية للنضال من أجل تحرير فلسطين بعاصمتها القدس الشريف من براثن الاستعمار الإسرائيلي الغاشم.
من جهة، فإن دور اتحاد المحامين العرب السعي إلى تحقيق الوحدة العربية الشاملة باعتبارها ضرورة حتمية وهدفًا استراتيجيًا لمواجهة تحديات العصر من أجل كرامة المواطن العربي بتحريره من كل مظاهر التخلف والظلم والاستغلال وحقه في العيش آمنًا مطمئننًا في أرضه ووطنه.
ولما كان من أهداف الاتحاد نبذ الإرهاب بغية استتباب السكينة ونبذ العنصرية قصد التعايش بين الناس فإنه لن يأل جهدآ لمواجهة هاتين الظاهرتين.
ومن الناحية الحقوقية إن اتحاد المحامين العرب عضو في عدد من المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصبغة الحقوقية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، وذلك بصفته مراقب أو ذي صفة استشارية ومع ذلك فالملاحظ أن التقارير التي تقدم عبر اجتماعات المكاتب الدائمة للاتحاد لا تتناول أية معطيات حول هذه العلاقة القائمة بين الاتحاد وهذه المنظمات ولا تشير إلى حجم فاعلية الاتحاد في هذه المنظمات ولا إلى التحولات الطارئة في هذا الشأن، وهو الأمر الذي يستوجب تفعيل عضوية الاتحاد داخل هذه المنظمات.
هذا ولما كان الاتحاد منظمة عالمية فيجب الانفتاح على العالم الخارجي أكثر بربط علاقات مع كل المنظمات الحقوقية والمهنية في العالم ومنها الإقليمية وفي كل القارات للتعريف بقضايانا المصيرية والدفاع عنها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
عاشت نقابة المحامين بطرابلس
عاش اتحاد المحامين العرب
النقيب المكاوي بنعيسى
الأمين العام لاتحاد المحامين العرب